أبوظبي تطلق أولى تجارب التاكسي الجوي وتعلن دخول مرحلة جديدة من النقل الذكي

في خطوة نوعية تجسد طموح دولة الإمارات العربية المتحدة في ريادة مجالات النقل الذكي والمستدام، أعلنت إمارة أبوظبي عن بدء اختبارات تجريبية لطائرة "ميدنايت" الكهربائية العمودية، التي طورتها شركة "آرتشر للطيران" (Archer Aviation). 

وتشكل هذه التجربة العملية بداية حقبة جديدة من خدمات التاكسي الجوي في الدولة والمنطقة، تمهيدًا لإطلاق أول خدمة نقل جوي تجاري تعمل بالطاقة النظيفة وتدار ذاتيًا.

وتأتي هذه المبادرة بالتعاون مع مكتب أبوظبي للاستثمار، وتحت مظلة مجلس الأنظمة الذكية الذاتية الحركة، ما يعكس رؤية الإمارة الاستشرافية في تطوير بنية تحتية متقدمة تلائم تحولات القرن الحادي والعشرين، وتؤسس لمدينة ذكية تجمع بين التكنولوجيا والاستدامة.

اختبار واقعي

انطلقت أول رحلة تجريبية لطائرة "ميدنايت" من مطار البطين للطيران الخاص، في حضور عدد من كبار المسؤولين من الجهات الحكومية وشركات الطيران الكبرى، من بينها الهيئة العامة للطيران المدني، ومطارات أبوظبي، وطيران أبوظبي، ومركز النقل المتكامل. 

وقد ركزت التجربة على اختبار الطائرة في ظروف مناخية قاسية تميز منطقة الخليج، مثل درجات الحرارة المرتفعة، والرطوبة العالية، والغبار، وذلك لضمان الجاهزية التشغيلية الكاملة في مختلف البيئات.

هدفت هذه التجربة إلى تقييم أداء الطائرة وكفاءتها في الإقلاع والهبوط العمودي في ظل تحديات الطقس المحلي، ما يعزز فرص الانتقال السلس إلى مرحلة التشغيل التجاري خلال المستقبل القريب، ليس فقط في أبوظبي، بل على مستوى الإمارات والمنطقة بأكملها.

مواصفات متطورة

تُعدّ طائرة "ميدنايت" نموذجًا متقدمًا من الطائرات الكهربائية للإقلاع والهبوط العمودي (eVTOL)، وتتمتع بمواصفات تقنية مميزة، تجعلها مرشحة بقوة لتكون حجر الزاوية في منظومة التنقل الحضري المستقبلي. 

صُممت الطائرة لتتسع لطيار واحد وأربعة ركاب، وتبلغ سرعتها 241 كيلومترًا في الساعة، مع مدى طيران يتراوح بين 32 و80 كيلومترًا، مما يجعلها مثالية للرحلات القصيرة داخل المدن.

تعمل الطائرة على ارتفاع يصل إلى 610 أمتار، وتستخدم 12 مروحة – 6 منها إمالية و6 ثابتة – بالإضافة إلى ستة حزم من البطاريات القوية. 

وتمتاز بمستوى ضوضاء منخفض لا يتجاوز 45 ديسيبل أثناء الطيران، ما يجعلها أكثر هدوءًا من طائرات الهليكوبتر التقليدية، كما يوفر تصميمها البانورامي رؤية واسعة للركاب، ويعزز من راحة وسلاسة الرحلة.

تعاون إستراتيجي

تأتي هذه الخطوة ضمن شراكة إستراتيجية بين "آرتشر للطيران" و"طيران أبوظبي"، في ظل بيئة استثمارية محفزة توفرها الإمارة عبر مجمع "SAVI" لصناعة المركبات الذكية والذاتية القيادة. 

وقد صرّح بدر سليم سلطان العلماء، المدير العام لمكتب أبوظبي للاستثمار، بأن هذه التجربة تعكس مكانة الإمارة المتقدمة كمركز عالمي للابتكار في قطاع الطيران والتنقل الذكي.

من جانبه، أكد آدم غولدستين، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة آرتشر للطيران، أن اختبار الطائرة في صيف الإمارات يشكل محطة مفصلية في الحصول على الشهادات التنظيمية الضرورية لتوسيع العمليات في الأسواق الدولية، مشيرًا إلى أن الشركة تنوي توسيع برنامج الاختبار في المنطقة لجمع مزيد من البيانات الداعمة.

يُذكر أن "آرتشر للطيران" حصلت مؤخرًا على موافقة تنظيمية لإنشاء أول مهبط للطائرات الهجينة العمودية في دولة الإمارات، وذلك في محطة الرحلات البحرية في ميناء زايد بأبوظبي، مما يمثل تقدمًا إضافيًا في البنية التحتية الخاصة بالتنقل الجوي الذكي.

تُعدّ هذه التجارب مقدمة لانطلاقة مستقبلية واعدة، تستعد فيها الإمارات لدخول عصر النقل الجوي التجاري عبر التاكسي الذكي، بما يعزز من مكانتها كرائدة في مجال التنقل المستدام، ويفتح المجال أمام مدن أكثر ذكاءً ومرونة، حيث يصبح التنقل الجوي الحضري جزءًا من الحياة اليومية في المستقبل القريب.